تشهد المملكة المغربية منذ أواخر سبتمبر 2025 موجة احتجاجات غير مسبوقة تقودها حركة شبابية تُعرف باسم جيل Z 212 (Gen Z 212)، مطالبةً بإصلاح شامل في التعليم، الصحة، وفرص العمل، ومنددةً بتردّي الخدمات العامة مقابل الإنفاق الضخم على المشاريع الرياضية والبنى التحتية الكبرى استعداداً لاستضافة كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030.
الحركة التي انطلقت عبر تطبيقات مثل TikTok وDiscord وInstagram، جمعت آلاف الشباب في مدن مثل الرباط، الدار البيضاء، مراكش، وأغادير، رافعين شعارات مثل:
“مستشفياتنا أولاً”، “نريد التعليم لا الملاعب”، “كرامة قبل البطولة”.
أولاً: أزمة التعليم في المغرب
يشكو المحتجون من ضعف جودة التعليم، الاكتظاظ في الفصول، المناهج القديمة، وقلة فرص التوظيف للخريجين. وتعد هذه الأزمة من أبرز أسباب البطالة بين الشباب، التي وصلت وفق تقديرات رسمية إلى 35.8٪ عام 2025، ما جعل “الإصلاح التعليمي” مطلباً مركزياً في الحركة.
ثانياً: تدهور الخدمات الصحية
أزمة الرعاية الصحية تفاقمت بعد حادثة وفاة ثمان نساء حوامل في أحد مستشفيات مدينة أغادير، مما فجّر الغضب الشعبي. يرى المحتجون أن القطاع الصحي المغربي يعاني من ضعف في التجهيزات، نقص الأطباء، وسوء توزيع الموارد، بينما تُخصّص مليارات الدراهم لملاعب كرة القدم والبنى التحتية.
ثالثاً: بطالة وتهميش سياسي
الشباب المغربي يطالب بفرص عمل حقيقية ومشاركة فعالة في صنع القرار السياسي. الاحتجاجات كشفت عن أزمة ثقة عميقة بين جيل جديد من المغاربة والدولة، حيث يشعر كثيرون أن النظام الحالي لا يُعبّر عن تطلعاتهم ولا يستثمر في طاقتهم.
رابعاً: ردّ الحكومة والملك
ردّ الدولة جاء سريعاً نسبيّاً؛ إذ أعلن الملك محمد السادس عن زيادة ميزانية التعليم والصحة لعام 2026 لتصل إلى نحو 140 مليار درهم (15 مليار دولار)، ودعا الحكومة إلى “إصلاحات ملموسة وعادلة”، مع التركيز على المناطق النائية والجبلية. لكن رغم الوعود، يرى كثير من الشباب أن هذه الإصلاحات “كلام أكثر من فعل”، وأن التغيير الحقيقي يتطلب شفافية ومحاسبة الفاسدين.
خامساً: المطالب الشعبية الواضحة
- إصلاح جذري للتعليم والمناهج.
- تطوير المستشفيات والمراكز الصحية.
- فرص عمل حقيقية للشباب.
- مكافحة الفساد وإعادة توزيع الموارد.
- إشراك الشباب في رسم السياسات الوطنية.
- إعطاء الأولوية للصحة والتعليم على حساب المشاريع الترفيهية.
سادساً: الدلالات والتأثيرات
تُعدّ احتجاجات جيل Z 212 تحوّلاً مفصلياً في المشهد السياسي والاجتماعي المغربي. إنها ليست مجرد مظاهرات، بل رسالة من جيلٍ رقميٍ واعٍ يُطالب بدولة أكثر عدلاً وشفافية.
ويرى محللون أن هذه الحركة قد تُعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتفتح الباب أمام إصلاحات سياسية واقتصادية أعمق.